وقال ابن سلام : «قد قيل : إن النبي لم يقتل أحدا صبرا إلا عقبة بن أبي معيط يوم بدر» (١).
ولكن المشهور هو خلاف ذلك ، فهو المعتمد حتى يثبت خلافه.
أما ما ذكره بعضهم من : أن أبا عزة قد أسر يوم أحد.
فالظاهر : أن مقصوده منه ما ذكرناه ، لأن حمراء الأسد من تتمة معركة أحد. فلا مجال لإشكال المعتزلي بأن حال المسلمين في أحد لم يكن يساعد على أسر أحد (٢).
وأما معاوية بن المغيرة بن أبي العاص ، فإنه انهزم في أحد ، ودخل المدينة ، فأتى منزل عثمان بن عفان ، ابن عمه.
فقال عثمان له : أهلكتني وأهلكت نفسك. ثم خبأه في بيته ، وذهب إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ليأخذ له أمانا.
وكان «صلى الله عليه وآله» قد علم به من طريق الوحي ، فأرسل عليا «عليه السلام» ليأتي به من دار عثمان ، فأشارت أم كلثوم زوجة عثمان إلى الموضع الذي صيره عثمان فيه ، فاستخرجوه من تحت حمّارة لهم ، وانطلقوا به إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فشفع فيه عثمان ، فقبل منه «صلى الله عليه وآله» ، وأجله ثلاثا ، وأقسم إن وجده بعدها في أرض المدينة وما حولها ليقتلنه ، فجهزه عثمان ، واشترى له بعيرا.
وسار «صلى الله عليه وآله» إلى حمراء الأسد ، وأقام معاوية هذا إلى
__________________
(١) طبقات الشعراء لابن سلام ص ٦٤ و ٦٥.
(٢) شرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ٤٦.