إلا أن يقال : إن الحجاب قد كان موجودا في الجاهلية.
أو يقال : صحيح إن فرض الحجاب وإيجابه قد كان في سنة خمس ، أو بعدها ، لكن الالتزام بالحجاب ، على اعتبار أنه محبوب ومطلوب لله ، وأمر راجح وحسن قد كان قبل ذلك بسنين. وذلك اتباعا لتوجيهات النبي «صلى الله عليه وآله» ، وترغيباته ، ودعواته إلى ذلك ، إذ لا يبعد أن يكون تشريع الحجاب قد جاء تدريجا ؛ لتتقبله النفوس ، وتألفه العادة.
ولا سيما إذا لاحظنا : أنه ربما كان أمرا صعبا على نساء الجزيرة العربية ، اللواتي يعشن في جو حار جدا ، كما هو معلوم.
وعلى كل حال ، فإن هذا الأمر يحتاج إلى تحقيق ، ولسوف نتحدث عنه بشيء من التفصيل فيما يأتي إن شاء الله تعالى.
و : الغرور والإيمان :
إننا نلاحظ : أنه «صلى الله عليه وآله» حتى حينما انتصر على المشركين في بدر ذلك الانتصار الباهر والساحق ، وكذلك حينما انتصر عليهم في غيرها من المواقف الصعبة ، فإنه لا ينسب انتصاراته إلى نفسه ، أو إلى جيشه.
ولا يسمح لنفسه بأن تتوهم : أنها هي التي انتصرت بالقوة ، والعدة ، والعدد ، أو بالعبقرية الحربية ؛ لأنه يعلم أن الانتصار الذي سجل في بدر مثلا ، لم يكن في المقاييس المادية انتصارا.
وإنما هو معجزة إلهية ، لا يمكن لأحد أن يحترم نفسه إلا أن يذعن إلى هذه الحقيقة ، ويسلم بها. وهذا هو ما قرره الله تعالى بقوله : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ