لا سيف إلا ذو الفقار :
وإن مناداة جبرئيل ب «لا سيف إلا ذو الفقار الخ ..» لها مغزى عميق أيضا ، فإنها تأتي تماما في مقابل ما فعله الذين فروا وجلسوا يتآمرون ـ هل يرسلون ابن أبي لأبي سفيان ليتوسط لهم عنده؟
أم أن كونهم من قومهم ، وبني عمهم يجعلهم لا شيء عليهم ، أم يرجعون إلى دينهم الأول؟ ـ كما سيأتي ـ فإن كل ذلك يدل على أن الذي كان سيفه خالصا لله حقا هو أمير المؤمنين «عليه السلام» فإنه لا سيف خالصا لله ، وفي سبيل الله ، إلا سيفه ذو الفقار.
وهذا السيف هو الذي قال عنه أمير المؤمنين «عليه السلام» في رسالته إلى بعض عماله ، يتهدده على تلاعبه بأموال الأمة ، مشيرا إلى هذا :
«ولأضربنك بسيفي الذي ما ضربت به أحدا إلا دخل النار» (١). لأنه لا يقتل به إلا مستحقها ، ولأجل هذا صار لهذا السيف شرف ومجد ، وتفرد بين سائر السيوف بأنه في يد علي الذي هو نفس النبي «صلى الله عليه وآله».
كما أن أمير المؤمنين «عليه السلام» هو الذي كان الله ورسوله ، وجهاد في سبيله ، أحب إليه من كل شيء حتى من نفسه ؛ وجراحه الكثيرة جدا شاهد صدق على ذلك.
أما غير علي «عليه السلام» ، فقد كانت نفسه ـ بدرجات متفاوتة طبعا ـ أحب إليه من الله ورسوله ، وجهاد في سبيله. ولأجل ذلك تخلى عن كل ذلك ، حينما رأى نفسه تلك في خطر. بل لقد هم بعضهم بأن يتخلى حتى
__________________
(١) نهج البلاغة ج ٣ ص ٧٤ بشرح عبده الكتاب رقم ٤١.