ومهما يكن من أمر ؛ فإن الشهداء لم يغسلوا ، وإخباره «صلى الله عليه وآله» بتغسيل الملائكة لمن مات جنبا ، بالإضافة إلى أنه إخبار عن واقع ؛ فإنه أيضا ليس لأجل موته بل هو لأجل جنابته ؛ لرفع الحزازة التي ربما تحدث في نفس أهله ، الذين يعرفون بأنه لم يغتسل من جنابته.
وأما بالنسبة للتكفين ؛ فإن الشهيد يدفن في ثيابه ، ولكن النبي «صلى الله عليه وآله» قد كفن حمزة وحنّطه ؛ لأنه كان قد جرد ، كما روي (١).
وأما عن دفنهم ؛ فيقال : إنه قد احتمل ناس من المسلمين قتلاهم إلى المدينة ، فدفنوهم بها ، ثم نهى «صلى الله عليه وآله» عن ذلك.
وقال «صلى الله عليه وآله» : ادفنوهم حيث صرعوا (٢).
ويقال : إنه «صلى الله عليه وآله» قال : ادفنوا الإثنين والثلاثة في قبر واحد ، وقدموا أكثرهم قرآنا (٣).
لماذا تقديم الأقرأ؟
وتقديم أكثرهم قرآنا حتى في هذا المقام ، له دلالة هامة هنا ، فإن
__________________
(١) راجع : الدر المنثور للعاملي ج ١ ص ١٣٥ عن من لا يحضره الفقيه.
(٢) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٤٢ عن الإكتفاء ، وابن اسحاق ، وأحمد ، والترمذي ، وأبي داود ، والنسائي ، والدارمي ، والكامل لابن الاثير ج ٢ ص ١٦٢ و ١٦٣ ، وفي شرح النهج ج ٤ ص ٢٦٢ رواية ناقشها المعتزلي بما لا مجال له.
(٣) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٤٢ عن أحمد ، والترمذي ، وأبي داود ، والنسائي ، وشرح النهج ج ١٥ ص ٣٨ ، ومغازي الواقدي ج ١ ص ٣١٠ ، والثقات ج ١ ص ٣٣ ، ومجمع الزوائد ج ٦ ، والمصنف ج ٣ ص ٥٤١ وج ٥ ص ٢٧٢.