قومهم وأبنائهم. مع أنهم من الطلقاء والمنافقين المؤلفة قلوبهم ، ومع أنه قد صدرت منهم أمور تدل على أنهم لم يسلموا ، وإنما استسلموا كما سنذكره عن خصوص أبي سفيان في أواخر غزوة أحد إن شاء الله تعالى.
استطراد هام :
ومما يلفت النظر هنا قولهم المتقدم : إنه «صلى الله عليه وآله» جعل يلعن صفوان وأبا سفيان الخ .. فنزلت الآية ، فتيب عليهم كلهم.
وأعجب من ذلك : أن نجد ابن كثير يدّعي ، بالنسبة لدعاء النبي «صلى الله عليه وآله» على معاوية بقوله : «لا أشبع الله بطنه ، قال : فما شبع بعدها» (١) : ـ يدّعي ـ أن معاوية قد انتفع بهذا الحديث دنيا وآخرة : أما في الدنيا فكان بعدما يأكل الكثير يقول : والله ما أشبع وإنما إعياء ، وهذه نعمة ومعدة يرغب فيها كل الملوك.
وأما في الآخرة ، فقد أتبع مسلم هذا الحديث بالحديث الذي رواه البخاري ، وغيرهما من غير وجه ، عن جماعة من الصحابة :
أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قال : اللهم إنما أنا بشر ، وفي رواية : اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر فأيما عبد سببته ، أو جلدته ، أو دعوت عليه ، وليس لذلك أهلا ، فاجعل ذلك كفارة وقربة تقربه بها عندك يوم القيامة.
وفي نص : سببته أو لعنته أو جلدته ، فاجعلها له زكاة ورحمة.
__________________
(١) صحيح مسلم ج ٨ ص ٢٧ ، والبداية والنهاية ج ٨ ص ١١٩.