تعالى : (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) ، فإنه عطف على الآية قبلها ، والآيتان هما :
(لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ ، لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ ، وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ)(١).
والمعنى : أن نصر الله لكم ببدر ، وإمداده لكم بالملائكة ، وغير ذلك من أمور ، إنما هو ليقطع الله منهم طرفا ، ويقلل عدتهم بالقتل والأسر ، أو ليخزيهم ويغيظهم ، أو ليتوب عليهم ، أو ليعذبهم.
فأما القطع والكبت ؛ فلأن الأمر إليه (أي إلى الله) لا لك يا محمد ، لتمدح أو تذم ، وقد ذكر هذا بنحو الجملة الاعتراضية بين الأقسام المتقدمة.
وأما التوبة والعذاب ؛ فلأن الله هو المالك لكل شيء ؛ فيغفر لمن يشاء ، ويعذب من يشاء (٢).
فلا ربط للآية إذا بالكلام المنسوب إلى النبي «صلى الله عليه وآله». ولو كان الكلام منفصلا عما قبله كما تقتضيه الروايات المتقدمة ، لورد سؤال : إن قوله : (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) معطوف على ماذا؟! (٣).
هذا ، ويجب أن لا ننسى أن ثمة يدا تحاول أن تثبت الإيمان للأربعة المتقدم ذكرهم ، وهم : أبو سفيان ، وصفوان بن أمية ، وسهيل بن عمرو ، والحرث بن هشام ـ ولغيرهم من أعوانهم ـ ممن صارت السلطة فيما بعد إلى
__________________
(١) الآيات ١٢٧ ـ ١٢٩ من سورة آل عمران.
(٢) راجع تفسير الميزان ج ٤ ص ٩.
(٣) راجع توضيح هذه الآية في الجزء الثامن صفحة ٣٢٩ من هذا الكتاب ، في فصل القنوت والدعاء على القبائل.