ج : مع موقف عمير في أصالته ونبله :
١ ـ يلاحظ : أن عمير بن وهب ينحي ولد العصماء عن صدرها ، ثم يقتلها.
وهذا يؤكد : على أن الإسلام قد ربى أتباعه على أنه ليس ضد الإنسان ، وإنما هو ضد مواقفه وتصرفاته المنحرفة عن الحق ، والعدل ، والفطرة.
فهو يريد فقط : أن يقضي على مصدر الخطر على الحق والفطرة.
وحينما لا يبقى ثمة سبيل إلا القضاء على مصدر الفتنة ؛ وحيث يكون آخر الدواء الكي ؛ فإنه لا بد أن يكتفى بالحد الأدنى ، الذي يتحقق فيه الهدف الأقصى ، وهو إقامة الدين والحق.
٢ ـ ثم إننا لنكبر هذا التعقل النادر لعمير في موقف حرج وخطير كهذا ، حتى إنه ليملك في هذه اللحظات الحساسة جدا أن يتخذ القرار الحاسم والمبدئي ، وكما يريده الإسلام ، بعيدا عن كل اضطراب وانفعال ، لا سيما وهو ضرير ، كما قيل ، أو ضعيف البصر.
نعم ، إنه يتصرف بهدوء واطمئنان ، ووعي ، حتى في أحرج اللحظات ، وأكثرها إثارة للأعصاب ، وتشويشا للحواس.
ومثل ذلك يقال بالنسبة لا متناعهم عن قتل المرأة التي كادت تفضحهم بصياحها في قضية أبي رافع ، حين تذكروا نهي النبي «صلى الله عليه وآله» عن قتل النساء والصبيان.
وهذه هي الشخصية الإسلامية التي يريدها الإسلام ، واستطاع أن يصدر للعالم الكثير من النماذج الحية لها ، من أمثال سلمان ، وعمار ، وأبي ذر ، والمقداد ، والأشتر ، وفوق هؤلاء جميعا سيدهم ، وإمامهم ، وأميرهم ، أمير