القصة ؛ فقولهم : (فروا) أي بعضهم ، أو أطلق ذلك باعتبار تفرقهم (١).
ونحن لا نريد أن نطيل في الرد على ذلك ؛ فإن ما تقدم مما دل على أنه لم يثبت إلا فلان ، أو فلان وفلان ، وأن هذا قد فر ، وذاك كذلك ، وهكذا ، يدفعه. وإلا لكان الفرار منحصرا في الثلاثة بعثمان وصاحبيه.
كما أنه لو صح ما ذكره فلا يبقى لعتاب الله لهم جميعا بقوله : (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ)(٢) معنى ولا فائدة.
لماذا كانت الهزيمة؟!
١ ـ إن من الواضح : أن السبب الأول لما لحق بالنبي «صلى الله عليه وآله» وللهزيمة التي لحقت بالمسلمين ، وما جرى عليهم من النكبات ، والقتل الذريع ، حتى لقد قتل منهم سبعون ، وجرحت أعداد هائلة ـ أيضا ـ هو : أنهم عصوا ، وتنازعوا ، ففشلوا.
قال تعالى : (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ)(٣)(بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ)(٤).
وتصريح القرآن بأنهم قد عصوا وتنازعوا من بعد ما كان النصر منهم
__________________
(١) راجع : وفاء الوفاء ج ١ ص ٢٩٢ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٣٠.
(٢) الآية ١٥٣ من سورة آل عمران.
(٣) الحس : القتل على وجه الاستيصال.
(٤) الآية ١٥٢ من سورة آل عمران.