والسؤال هنا هو : إنه إذا كان الله ورسوله غنيين عنها ، فلماذا يأمر الله تعالى نبيه بأن يشاور أصحابه في الأمر؟!.
وسؤال آخر ، وهو : هل يمكن بضم الآية التي في سورة الشورى :
(وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ)(١) ، وبضم سائر الروايات التي تحث على الاستشارة ـ هل يمكن ـ أن نفهم من ذلك : ضرورة اتخاذ الشورى كمبدأ في الحكم والسياسة ، وفي الإدارة ، وفي سائر الموارد والمواقف ، حسبما تريد بعض الفئات أن تتبناه ، وتوحي به على أنه أصل إسلامي أصيل ومطرد؟!.
الجواب عن السؤال الأول :
أما الجواب عن السؤال الأول : فنحسب أن ما تقدم في الجزء السابق من هذا الكتاب في فصل سرايا وغزوات قبل بدر ، وكذا ما تقدم من الكلام حول الشورى في بدر (٢) كاف فيه ، ونزيد هنا تأييدا لما ذكرناه هناك ما يلي :
١ ـ قد يقال : إن بعض الروايات تفيد : أن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يكن يستشير أصحابه إلا في أمر الحرب.
فقد روي بسند رجاله ثقات ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : كتب أبو بكر إلى عمرو بن العاص : إن رسول الله شاور في الحرب ، فعليك به (٣).
__________________
(١) الآية ٣٨ من سورة الشورى.
(٢) راجع غزوة بدر.
(٣) مجمع الزوائد ج ٥ ص ٣١٩ عن الطبراني ، وحياة الصحابة ج ٢ ص ٤٨ عن كنز العمال ج ٢ ص ١٦٣ عن البزار والعقيلي وسنده حسن ، والدر المنثور ج ٢ ص ٩٠ عن الطبراني بسند جيد عن ابن عمرو.