وإن كنا نرى : أن هذا لا يفيد نفي استشارته «صلى الله عليه وآله» في غير الحرب.
٢ ـ إن قوله تعالى في سورة آل عمران : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) خاص بالمشاورة في الحرب ، لأن اللام في الآية ليست للجنس بحيث تشمل كل أمر ، بل هي للعهد ، أي شاورهم في هذا الأمر الذي يجري الحديث عنه ، وهو أمر الحرب ، كما هو واضح من الآيات السابقة واللاحقة ؛ فالتعدي إلى غير الحرب يحتاج إلى دليل.
٣ ـ إن الآية تنص على أن استشارة النبي «صلى الله عليه وآله» لأصحابه لا تعني أن يأخذ برأيهم حتى ولو اجتمعوا عليه ؛ لأنها تنص على أن اتخاذ القرار النهائي يرجع إلى النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه ، حيث قال تعالى : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ).
٤ ـ لقد ذكر العلامة السيد عبد المحسن فضل الله «رحمه الله» : أن الأمر في الآية ليس للوجوب ؛ وإلا لكانت بقية الأوامر في الآية كذلك ، ويلزم منه وجوب العفو عن كبائرهم حتى الشرك. وإذا كان الضمير في الآية يرجع إلى الفارين فهو يعني : أن الشورى تكون لأهل الكبائر من أمته ، مع أن الله قد نهى رسوله عن إطاعة الآثم ، والكفور ، ومن أغفل الله قلبه (١).
فالحق : أن الأمر وارد عقيب توهم الحظر عن مشاورة هؤلاء ، ليبيح
__________________
(١) راجع : سورة الكهف آية ٢٩ ، والأحزاب آية ٥٦ ، والدهر آية ٣٤ ، وأقول : وتنافي أيضا الآية التي في سورة الشورى التي خصت الشورى بالمؤمنين الذين لهم صفات معينة.