وفي رواية : أن المسلمين لما رأوا المثلة بقتلاهم قالوا : لئن أنالنا الله منهم لنفعلن ، ولنفعلن ، فأنزل الله : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ) الآية ، فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله» : بل نصبر (١).
لكن ما تذكره هذه الروايات من أن الآية قد نزلت في هذه المناسبة محل نظر ، وذلك لما قدمناه من كونها مكية ، ويمكن أن يكون الرسول «صلى الله عليه وآله» عاد فذكرهم بالآية ، مبالغة منه «صلى الله عليه وآله» في زجرهم عن ذلك ، فتوهم الراوي : أن الآية قد نزلت في هذه المناسبة.
وأما القول بأن الآية قد شرعت المثلة ، ولكنها رجحت الصبر عليها .. فهو غير صحيح ؛ لأن المراد بالعقوبة هو ما بينته الآية الشريفة الأخرى التي تقول : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ ..)(٢) ثم جاءت الروايات التي تنهى عن المثلة لتؤكد هذا المعنى.
ب : هند وكبد حمزة :
قد تقدم : أنه «صلى الله عليه وآله» لما بلغه محاولة هند أكل كبد حمزة فلم تستطع أن تسيغها ، قال : ما كان الله ليدخل شيئا من حمزة النار ، أو نحو ذلك.
__________________
(١) الدر المنثور ج ٤ ص ١٣٥ عن ابن جرير ، ومصنف ابن أبي شيبة ، وراجع : البحار ج ٢٠ ص ٢١ عن مجمع البيان.
(٢) الآية ٤٥ من سورة المائدة.