وجعل «صلى الله عليه وآله» يذرهم ويحضهم على القتال ؛ فقاتلوا على قلتهم خير قتال.
ولكن الذين كانوا على الجبل فوق الصخرة لم يعودوا ـ أو أكثرهم ـ إلى القتال ، ولا تركوا مركزهم. وقبل أن نستمر في الحديث عن المعركة الحاسمة ، لا بأس بالإلماح إلى بعض المواقف البطولية التي سجلها بعض المسلمين ، مع محاولة التركيز على بعض الجوانب الإيجابية فيها ، ثم نشير إلى بعض المختلقات في هذا المجال ، ولا سيما حول طلحة ، وسعد بن أبي وقاص ، فنقول :
مواقف وبطولات :
١ ـ مع أنس بن النضر ، وابن السكن وأصحابه :
إن موقف أنس بن النضر ليدل على فهمه العميق للإسلام ، وإدراكه أن الإسلام لا يرتبط بالشخص والفرد ، حتى ولا بالنبي نفسه ، الذي جاء به من عند الله من حيث هو شخص وفرد (١).
تماما على عكس الرؤية التي كانت لدى الذين فروا ، حتى انتهوا إلى الصخرة. فالحق ـ عند أنس هذا ـ لا يعرف بالرجال ، وإنما تعرف الرجال بالحق.
قال أمير المؤمنين : «إنك لم تعرف الحق ، فتعرف من أتاه ، ولم تعرف
__________________
(١) وإن كان الارتباط به من حيث هو رسول وقائد حرب ، ومعلم ، أمر ضروري ولا بد منه.