ولعل ما في شواهد النبوة من أن عميرا كان أعمى ، وقد جاء هذا على لسان عمر أيضا ، قد جاء على سبيل المبالغة ؛ لأنه كان ضعيف البصر بالفعل ، فإن من الصعب على الضرير أن يقوم بعملية كهذه ، وهي نائمة ليلا بين ولدها.
إلا أن يقال : إنه إذا عرف مكانها الذي تنام فيه ، فإن بإمكانه تمييز الطفل عن غيره بواسطة تلمس أبدانهم ، كما هو صريح الرواية. ولكنها ـ كما قلنا ـ تبقى عملية صعبة على الرجل الضرير.
ولذلك فنحن نرجح طريقة المبالغة كما قلنا.
٣ ـ قتل كعب بن الأشرف :
قال الواقدي : إن قتل كعب بن الأشرف كان في ربيع الأول في سنة ثلاث.
وخلاصة ما جرى : أن اليهود كانوا يتوقعون : أن يستأصل المشركون شأفة المسلمين والإسلام ، وكان لانتصار المسلمين في بدر وقع الصاعقة عليهم ، وثارت ثائرتهم ، وطاشت عقولهم.
قال ابن اسحاق : لما أصيب المشركون في بدر ؛ بلغ ذلك كعب بن الأشرف ، وكبر عليه قتل من قتل في بدر ، وبكاهم ، وهجا النبي «صلى الله عليه وآله» وأصحابه في شعره ، وكان يشبب بنساء المسلمين (وأضاف البعض (١) : نساء النبي «صلى الله عليه وآله» أيضا) حتى آذاهم (٢).
__________________
(١) هو ابن سلام الجمحي في طبقات الشعراء ص ٧١.
(٢) راجع فيما تقدم : سيرة ابن اسحاق ص ٣١٧ ، والبداية والنهاية ج ٤ ص ٦ ، والمغازي ج ١ ص ١٨٥ ، ودلائل النبوة للبيهقي طبعة دار الكتب العلمية ج ٣