وأهدافه ، ولكي يعيشوا أجواءه من الداخل ، وليكتشفوا ما أمكنهم من أسرار عظمته وأصالته ، فتلين له قلوبهم ، وتخضع له عقولهم. ولا أقل من أن أبناءهم ، ومن يرتبط بهم ، يصبح أقدر على ملامسة واقع المسلمين ، والتفاعل مع تعاليم الإسلام ما دام أنه يعيشها بنفسه ، وتقع تحت سمعه وبصره.
وهذا بالذات ما كان يهدف إليه الإسلام من التألف على الإسلام ، وإعطاء الأموال والأقطاع ، وحتى المناصب والقيادات لمن عرفوا ب (الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ)(١) ، بالإضافة إلى ما كان يهدف إليه من دفع كيدهم وشرهم.
وما تقدم يفسر لنا السبب الذي جعل رسول الله «صلى الله عليه وآله» كان يقبل بوجهه وحديثه على أشر القوم ، يتألفهم بذلك ، حتى إن عمرو بن العاص ظن بنفسه أنه خير القوم.
ثم صار يسأل النبي «صلى الله عليه وآله» عن المفاضلة بين نفسه وغيره ، فلما عرف : أنهم أفضل منه ، قال : «فلوددت أني لم أكن سألته» (٢).
٣ ـ إن سكوته «صلى الله عليه وآله» عن المنافقين ، وقبولهم كأعضاء في المجتمع الإسلامي ، إنما يريد به المحافظة على من أسلم من أبنائهم ، وإخوانهم ، وآبائهم ، وأقاربهم ، حتى لا تنشأ المشاكل العائلية الحادة فيما بينهم ؛ ولا يتعرض المسلمون منهم للعقد النفسية ، والمشكلات الاجتماعية ،
__________________
(١) الآية ٦٠ من سورة التوبة.
(٢) راجع : مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٥ عن الطبراني بإسناد حسن ، وفي الصحيح بعضه بغير سياقه. وحياة الصحابة ج ٢ ص ٧٠٦ عن الترمذي في الشمائل ص ٢٥.