إلى فئة ، وقد استثنى الله تعالى ذلك ؛ فخرج به عن الإثم» (١).
ولكن قد فات المعتزلي : أن ما جرى يوم أحد ، لا يمكن الاعتذار عنه بما ذكر ، لعدم وجود فئة لهم إلا الرسول «صلى الله عليه وآله» نفسه ، وقد تركوه ، وفروا عنه ، ولأن الله تعالى قد ذمهم على هذا الفرار ، وعلله بأن الشيطان قد استزلهم ببعض ما كسبوا ، ثم عفا عنهم ، ولو كان لا إثم في هذا الفرار ؛ فلا حاجة إلى هذا العفو.
هذا ، وقد حقق العلامة الطباطبائي «رحمه الله» : أن المراد بالعفو هنا معنى عام ، يشمل العفو عن المنافقين أيضا ، فراجع (٢).
وقد كان ثمة حاجة إلى التسامح في هذا الفرار ، لأنه الأول من نوعه ، ويأتي في وقت يواجه الإسلام فيه أعظم الأخطار داخليا وخارجيا ، مع عدم وجود إمكانات كافية لمواجهتها ، ومواجهة آثار مؤاخذتهم بما اقترفوا. واستمع أخيرا إلى ترقيع الرازي الذي يقول : ومن المنهزمين عمر ، إلا أنه لم يكن في أوائل المنهزمين ولم يبعد ، بل ثبت على الجبل إلى أن صعد النبي «صلى الله عليه وآله» (٣). بارك الله في هذا الثبات ، لكن لا في ساحة المعركة ، بل فوق الجبل (!!).
ثم إننا لا ندري ما الفرق بين أن يكون المنهزم في أول الناس أو في وسطهم ، أو في آخرهم؟!
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ج ١٢ ص ١٧٩ و ١٨٠.
(٢) راجع تفسير الميزان ج ٤ ص ٥١.
(٣) التفسير الكبير ج ٩ ص ٥١.