وكيف يمكن الربط بين هذه الكلمات وبين قوله : «قتلانا في الجنة ، وقتلاكم في النار»؟!
هل خشي عمر أن يكون قد سمعه أحد من المسلمين يهنئ أبا سفيان فأراد التعمية عليهم بهذه الكلمات؟!
أم أنه أراد السخرية بالحقيقة القرآنية الثابتة ليزيد من فرحة أبي سفيان؟! أم أنه قصد معنى يخالف ما قصده أبو سفيان؟! .. إن سائر القرائن التي بأيدينا لا تؤيد هذا الاحتمال الأخير كما رأينا وسنرى.
٥ ـ لماذا كان عمر أبّر لأبي سفيان من ابن قميئة كما تقدم؟ أو ليس ابن قميئة يقاتل أعداء أبي سفيان ويفنيهم ، ويقتحم الغمرات ، ويواجه السيوف ، والنبال ، والرماح في الدفاع عن المشركين بزعامته ، ويدافع عن مصالحهم ، ويعمل من أجل قهر عدوهم؟! وعمر أليس عدوا لأبي سفيان ، ونصيرا لعدوه؟ ومقويا له عليه؟!.
وقد حاول البعض توجيه ذلك ، بأن من الممكن أن يكون أبر بلحاظ صدقه ؛ وإخباره بالواقع.
ونقول : إن هذا غير معقول ، فإن عبارة أبي سفيان قد صرحت بصدق عمر ، كما صرحت ببره ، فلو كان المراد بالبر الصدق لم يصح منه التصريح بهما معا.
أو فقل : لم يحسن منه ذلك على الأقل.
فالمراد به : ما يعود بالفائدة عليه ، وعلى جيشه ، وهو هنا : تمكنه من الظفر بالنبي «صلى الله عليه وآله» وقتله ، أما قول ابن قميئة فإنه يؤدي إلى نجاة الرسول «صلى الله عليه وآله» وهذا ما يرى فيه أبو سفيان أعظم