فإذا كان كذلك ، فلماذا لم يعتمد النبي «صلى الله عليه وآله» على حنظلة ، أو على غيره ممن أشار إليهم الدكتور جواد علي ، فإن الحاجة ترتفع بهم ، ولا يبقى «صلى الله عليه وآله» بحاجة إلى اليهود «الذين كانوا غير مأمونين» لا في الترجمة ، ولا في الكتابة.
ويلاحظ هنا : أنهم لم يبخلوا على زيد في هذا المجال ، فقد أتخموه بالأوسمة ، وأغرقوه بآيات الثناء ، ويكفي أن نذكر : أنهم جعلوه عالما ، ليس فقط بالعربية قراءة وكتابة ، وكذلك بالعبرانية ، أو السريانية ، وإنما أضافوا إلى ذلك : أنه كان يترجم للنبي «صلى الله عليه وآله» بالفارسية والرومية والقبطية والحبشية (١).
وأنه قد تعلم الفارسية من رسول كسرى ، والرومية من حاجب النبي ، والحبشية من خادم النبي «صلى الله عليه وآله» والقبطية من خادم النبي أو خادمته «صلى الله عليه وآله» (٢).
ولا ندري لماذا لم يتعلم الفارسية من سلمان ، والرومية من صهيب والحبشية من بلال ، فإن كلا منهم كان يجيد هذه اللغات بما لا مزيد عليه؟!
كما لا ندري لماذا لم نجد أية إشارة لكتاب مترجم من هذه اللغات إلى العربية أو من العربية إليها ، أو غير ذلك ، مما يحتاج إلى الترجمة؟!
__________________
(١) راجع : التنبييه والإشراف ص ٢٤٦ ، والتراتيب الإدارية ج ١ ص ٢٠٢ عن :
(العمدة) للتلمساني ، وعن ابن هشام في (البهجة) وعن كتاب : (التعريف برجال مختصر ابن الحاجب) لابن عبد السلام ، وعن الإعلام بسيرة النبي «صلى الله عليه وآله» ، والمفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج ٨ ص ١٣٣.
(٢) العقد الفريد ج ٤ ص ١٦١ ، والتراتيب الإدارية ج ١ ص ٢٠٢.