«إن قاموا في صياصيهم فهي منيعة ، لا سبيل لنا إليهم ، نقيم أياما ، ثم ننصرف. وإن خرجوا إلينا من صياصيهم أصبنا منهم ؛ فإن معنا عددا أكثر من عددهم ، ونحن قوم موتورون ، خرجنا بالظعن يذكرننا قتلى بدر ، ومعنا كراع ولا كراع معهم ، وسلاحنا أكثر من سلاحهم ، فقضي لهم إن خرجوا الخ ..» (١).
٣ ـ لقد رأينا : أن صفوان بن أمية لم يذكر لأبي سفيان شيئا عن احتمال تعاون المنافقين معهم ، وتمكينهم من القضاء على الإسلام والمسلمين بسهولة ، أو على الأقل كان على أبي سفيان أن يدرك ذلك ، ويبتهج له.
٤ ـ إن من الواضح : أن ابن أبي ، ومن معه لم يكن باستطاعتهم الإقدام على مثل تلك الخيانة في تلك الظروف ؛ لأن معنى ذلك : أن يذبح من قومه من الخزرج ومن المهاجرين أعداد هائلة ، ولم يكن بإمكانه أن يسمح بذلك ، ولا يوافقه عليه من معه ؛ لأنهم قومهم وأبناؤهم ، وإخوانهم ، وآباؤهم. ولم يكن التخلي عنهم سهلا وميسورا إلى هذا الحد.
وإذا أرادوا أن يتخلوا عن مثل هؤلاء ، ويسلموهم إلى القتل ، بعد أن يقدموا هم أيضا العديد من القتلى ، فمن يبقى لابن أبي ـ بعد استئصال هؤلاء ـ لا سيما بملاحظة قلة سكان المدينة آنئذ؟!.
وهل تبقى المدينة مدينة؟!.
وهل يمكن لابن أبي أن ينصب نفسه ملكا على من يتبقى له في ظروف كهذه؟!
__________________
(١) مغازي الواقدي ج ١ ص ٢٨٢ ، وشرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٢٧٤.