إلى حصنهم ، وتحدثت عن هزيمة كبار الصحابة الذين أخذوا الراية ، ثم فتح الله على يديه ، تماما كما جرى في خيبر.
وكل ذلك يشجعنا على القول : إنه «صلّى الله عليه وآله» لم يكن ليطرح قضية إمامة علي «عليه السّلام» بعده ، وهو يعلم أن في أصحابه من يستميت في سبيل إبطال هذا الأمر وإفشاله ، إلا حينما تكون ثمة هزيمة نكراء لأولئك المناوئين ، ونصر مؤزر لأمير المؤمنين «عليه السّلام» يلجمهم عن التفوه بأي اعتراض ، ويصدهم عن السعي لبلبلة الأفكار ، وتسميم الأجواء والتشكيك في صوابية ما يوصيهم به «صلّى الله عليه وآله» ، ويأمرهم بالتزامه.
ويلمح إلى هذا بل يصرح به نفس هذا النص الذي نحن بصدده ، حيث ذكر أنه «صلّى الله عليه وآله» إنما قال لهم ذلك حين قتل «عليه السّلام» رجال بني قريظة ، أو عشرة من رجالهم وذوي النجدة منهم ، حسبما تقدم.
٣ ـ إن الهيئة الحاكمة وأنصارها حين أعوزتهم الأدلة والبراهين لجأوا إلى أسلوب التهديد ، والوعيد ، والقمع ، وعرض العضلات.
ولولا أنهم كانوا على علم بأن قرار علي «عليه السّلام» هو تجنب المواجهة المسلحة لكانوا قد حسبوا ألف حساب قبل أن يقدموا على ذلك.
٤ ـ إن وقائع هذه القضية تعطينا : أن هؤلاء الأعيان من الصحابة حين أعلنوا عدم شرعية ما أقدم عليه أبو بكر وحزبه ، واعتبروا ذلك تعديا وغصبا ، ومخالفة صريحة لأوامر النبي الأعظم «صلّى الله عليه وآله» ، فإنهم قد انطلقوا في مواقفهم هذه ، من ثوابت عقائدية ، واستجابة لشعور ديني وضميري وهّاج ومرهف.