ولكن هذه المواجهة ـ رغم ذلك ـ : لم تتحول إلى غوغائية ، أو حالة انفعالية ، رغم استفزاز الحكم لهم ، ومحاولته تطوير الصراع ، لأنه كان يرى : أن من مصلحته تصعيد التحدي ليتفادى المأزق الذي يجد نفسه فيه ، وهو يرى نفسه عاجزا عن تبرير ما أقدم عليه بصورة منطقية ومعقولة.
ومن جهة أخرى : فإن هذه المعارضة قد عبرت في رفضها الاستجابة إلى استفزازت السلطة ، عن أن ذلك ينطلق من التزامها الدقيق بطاعة قيادتها ، ومن انضباطية صارمة وملفتة للنظر ، فهي التي تقرر حجم الصراع ومستواه ، وأساليبه ووسائله ، وهي التي تفرض ما تقرره على خصومها أيا كانوا.
٥ ـ إن خالد بن سعيد بن العاص الأموي قد وصف عليا هنا ب «الوصي».
ونود أن نذكّر القارئ الكريم : بأن هذا اللقب له «عليه السّلام» كان معروفا لدى الصحابة ، ولدى عموم الناس ، وكانوا يطلقونه عليه صلوات الله وسلامه عليه في كثير من المناسبات ، وقد ذكر المعتزلي طائفة من الأشعار والأرجاز التي أوردت هذا اللقب (١).
وتجده يتكرر كثيرا في كلمات وأشعار وأرجاز الناس في حربي الجمل وصفين ، وغيرهما.
بل إن الخوارج قد احتجوا لخروجهم على أمير المؤمنين «عليه السّلام» بقولهم : «زعم أنه وصي فضيّع الوصية» (٢). وتتبع النصوص التي أوردت
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ج ١ ص ١٤٣ و ١٥٠ وراجع : كتب التاريخ التي تذكر وقائع الجمل وصفين.
(٢) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ١٩٢.