وعن الزهري : كان رسول الله «صلّى الله عليه وآله» قد استعمل أبا لبابة على قتالهم ، فلما أحدث ما أحدث عزله واستعمل أسيد بن حضير.
وارتبط أبو لبابة سبعا ، وفي نص آخر : (عدة ليال) عند الأسطوانة التي عند باب أم سلمة ، في حر شديد ، لا يأكل فيهن ولا يشرب وقال : لا أزال هكذا حتى أفارق الحياة ، أو يتوب الله عليّ.
قال : فلم يزل كذلك ، حتى ما يسمع الصوت من الجهد. ورسول الله «صلّى الله عليه وآله» ينظر إليه بكرة وعشية. ثم تاب الله عليه.
وقد نزلت توبته في بيت أم سلمة في السحر. فاستأذنت رسول الله أن تؤذنه بذلك فأذن لها.
قالت : فقمت على باب الحجرة ، وذلك قبل أن يضرب الحجاب ، فقلت : يا أبا لبابة ، أبشر ، فقد تاب الله عليك ، فثار الناس ليطلقوه فأبى إلا أن يطلقه رسول الله بيده ، فلما خرج رسول الله «صلّى الله عليه وآله» إلى الصبح أطلقه.
تقول أم سلمة : رأيت رسول الله «صلّى الله عليه وآله» يحل عنه رباطه ، وأن رسول الله ليرفع صوته يكلمه ، ويخبره بتوبته ، ولا يدري كثيرا مما يقول من الجهد والضعف.
ويقال : مكث خمس عشرة مربوطا. وكانت ابنته تأتيه بتمرات لفطره ، فيلوك منهن ويترك ، ويقول : والله ، ما أقدر أن أسيغها فرقا ألا تنزل توبتي. وتطلقه عند وقت كل صلاة ، فإن كانت له حاجة توضأ ، وإلا أعاد الرباط. وكان الرباط حز في ذراعه ، وكان من شعر ، وكان يداويه بعد ذلك دهرا.