عليه بعد ذلك كل هذه المدة؟ وهل يمكن أن يرضى الله عن أبي لبابة ، ويبقى الرسول غاضبا عليه؟!
كما أن رواية البيهقي والسيرة الحلبية تكاد تكون صريحة في أنه لم يتب مما فعله في بني قريظة.
ثامنا : إن نفس ما يذكرونه هنا ، من أن أبا لبابة ارتبط في المسجد إلى أسطوانة التوبة ، حتى نزلت توبته في الآيات المتقدمة ، ولم يرض بفك نفسه إلا أن يتوب الله عليه ، فمكث سبعة أيام لا يذوق طعاما ولا شرابا ، حتى خر مغشيا عليه ، ثم تاب الله عليه وجرى ما جرى من حل رسول الله «صلى الله عليه وآله» له ، إنما كان في غزوة تبوك (١).
تاسعا : قد ذكرت روايات توبة أبي لبابة : أنه كان لا يأكل ولا يشرب ، مع أنه قد تقدم أن ابنته كانت تأتيه بالتمرات ، فيلوك منهن ويترك.
إلا أن يقال : إن ذلك كان يسيرا ، لا يعتد به.
عاشرا : ذكرت الروايات المتقدمة : أنه لم يرجع إلى النبي «صلى الله عليه وآله» بل أخذ طريقا إلى المسجد من وراء الحصن ، فربط نفسه فيه.
مع أن رواية البيهقي والحلبي السابقة تقول : إنه عاد إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ، فطالبه النبي «صلى الله عليه وآله» بما فعل ، وأن النبي «صلى الله عليه وآله» بقي عاتبا عليه إلى غزوة تبوك.
__________________
(١) عيون الأثر ج ٢ ص ٧٠ و ٧١ وعن أبي عمر وراجع : تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٩٥ ووفاء الوفاء ج ٢ ص ٤٤٣ و ٤٤٤. والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٣٧ عن البيهقي والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ١٦.