لهم الحق في الولاية على أحد من البشر ، حتى على أولادهم ، فكيف يتولون شؤون الأمة بأسرها؟؟ وتكون قيمة ذلك هذا العدوان الظاهر السافر؟؟
واللافت هنا : أن هذه الشرائط التي يفقدونها ليست شرائط معقدة ، ولا يحتاج الإلتفات إليها ، وإدراك صحتها ، ولزوم توفرها إلى دراسة وتعمق ، ولا إلى أدلة وبراهين ، وثقافة ومعارف.
بل يكفي لإدراك لزومها في الحاكم ، وكذلك لمعرفة فعلية وجودها فيمن يدّعيها ، إلى أدنى التفات من أي إنسان ، حتى لو كان غير مسلم ، وغير موحّد أيضا ؛ لأن من البديهيات الأولية لدى البشر أن من يتصدى لإنجاز أمر ، فلا بد أن يملك القدرة والخبرة الكافية فيه ..
وهو ما نسميه هنا بعلم الشريعة. ولا بد أيضا أن يكون أمينا على ما اؤتمن عليه ، فلا يحيف ، ولا يخون ، ولا يظلم فيه ..
وأخيرا : نقول :
لنفترض : أن الإنسان قد يسهو عن بعض الأحكام حتى البديهية ، وقد يصدر حكما جائرا أحيانا بسبب غفلة ، أو نزوة هوى عرضت ، ولكن حين يعود إلى نفسه ، ويتهيأ له من ينقذه من غفلته ، ويجد الواعظ القريب ، والمؤدب اللبيب الذي خالف هواه ، وامتثل أوامر مولاه ، فإنه يثوب إلى رشده ، ويستيقظ من غفلته ، ويتوب إلى ربه ..
ولا يضر ذلك في صفة العدالة ، ولو كان يضر بها ، فإن عودته إلى الطريق المستقيم تصلح ما فسد ، وتعيد الأمور إلى نصابها ..
ولكن هؤلاء القوم ليس فقط لم يستيقظوا ، بل هم أصروا على اتباع الهوى بعد البيانات الواضحة ، والحجج اللائحة ، والتربية الصالحة ، ولم يراعوا أية