بن العاص ، وأقطع رسول الله «صلىاللهعليهوآله» جمرة بن هوذة العذري رمية بسوطه من وادي القرى.
ونلاحظ هنا أمورا نجملها فيما يلي :
١ ـ إن من حق كل أحد أن يدعو الآخرين إلى دينه ، فإما أن يرفضوا ، أو يقبلوا ، ولا يستطيع أحد أن يكره أحدا على هذا الأمر ، لأن القضية ترتبط بالعقل والقلب معا. فالعقل ، وإن استسلم للدليل ، لكن ليس بالضرورة أن يتحقق الإيمان ، إذ قد يلجأ إلى الجحود ، والإنكار ، رغم وضوح الأمر لديه ، وذلك على قاعدة : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) (١).
٢ ـ وإن بعض الناس لا يكتفون بالجحود ، فيتجاوزونه إلى الحرب والقتال ، تماما كما فعل مشركو مكة ، وكما فعل يهود وادي القرى ، فإن النبي «صلىاللهعليهوآله» دعاهم إلى الله تعالى ، ومن حقه ذلك .. ولكنهم لم يكتفوا بالإمتناع عن قبول الحق ، بل أعلنوا الحرب عليه ، وقاتلوه بغيا منهم ، وكانوا هم الذين بدأوه بالعدوان ، واستقبلت سهامهم المسلمين بمجرد وصولهم ، وقبل أي سؤال أو جواب ، وقتلوا أحد أصحابه حتى وهو ينزل رحل رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إلى الأرض.
فكان لا بد أن يواجهوا جزاء هذا البغي ، وفتح الله تعالى بلدهم عنوة ، وغنّم الله المسلمين أموالهم ، وصارت أرضهم للمسلمين ..
٣ ـ إن النبي «صلىاللهعليهوآله» لم يرد أن يمعن في مجازاتهم بما يستحقونه ، بل اتخذ سبيل السهولة والعفو ، فقبّلهم (أي كتب لهم بها
__________________
(١) الآية ١٤ من سورة النمل.