فأطلع الله نبيه «صلىاللهعليهوآله» على ما قالوا ، ثم قال : رحم الله امرأ أراهم من نفسه قوة ، فأمر أصحابه أن يرملوا الأشواط الثلاثة ، ليروا المشركين أن لهم قوة.
فعند ذلك قال المشركون : هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد أوهنتهم؟! هؤلاء أجلد من كذا ، إنهم لينفرون (أي يثبون) نفر الظبي ، وإنما لم يأمرهم بالرمل في الأشواط كلها رفقا بهم.
وانتهى «صلىاللهعليهوآله» إلى البيت وهو على راحلته ، واستلم الركن بمحجنه ، وعبد الله بن رواحة آخذ بزمامها ، وهو يقول :
خلوا بني الكفار عن سبيله |
|
إني شهدت أنه رسوله |
حقا وكل الخير في سبيله |
|
نحن قتلناكم على تأويله |
كما ضربناكم على تنزيله |
|
ضربا يزيل الهام عن مقيله |
ويذهل الخليل عن خليله |
فقال عمر بن الخطاب : يابن رواحة!! بين يدي رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وفي حرم الله تقول الشعر؟
فقال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : يا عمر ، إني أسمع.
أو قال : خلّ عنه يا عمر ، فلهو أسرع فيهم من نضح النبل.
فأسكت عمر (١).
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٣٥ و ٧٣٦ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٦٢ وراجع : سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٩١ و ١٩٢ وفي هامشه عن : البخاري ج ٧ ص ٥٧٠ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ٣٤٣ وعن فتح الباري ج ٧ ص ٥٧٢