أسباب حرب الجمل.
وقد ذكرنا نبذة مما يتعلق بهذا الأمر في كتابنا : «سلمان الفارسي في مواجهة التحدي» فيمكن الرجوع إليه.
وإن ما صدر عن قريش تجاه بلال ، حين شرع في الأذان ؛ إن دل على شيء ، فهو يدل على مدى الألم الذي كان يشعر به القرشيون ، وهم يرون بلالا الأسود ، والمولى ، والفقير ، والحبشي الغريب!! يرونه فوق الكعبة ، وهي أعظم ما يعتزّون به ..
نعم ، لقد هالهم أن يسمعوا بلالا يعلن بتلك الكلمات التي طالما حاربوها ، وسعوا في إبطالها ، وقتل من آبائهم وإخوانهم ، وأبنائهم العشرات ، وخسروا الكثير من تحالفاتهم ، ومن مكانتهم ، ومن هيبتهم ، ومن أموالهم ، في سبيل إسقاطها ، والقضاء عليها.
إن صوت بلال الذي ارتقى فوق الكعبة ، التي يزعمون للناس أنهم هم حفظتها وسدنتها سوف يمزقهم ، وسيحرق قلوبهم ، في وقت يجدون أنفسهم فيه عاجزين عن القيام بأي شيء ، وهذا العجز ، وتلك الحرقة سوف ينتجان لديهم شعورا بالصّغار ، وبالخزي ، والذل ، والاندحار.
وقد ظهر ذلك بصورة واضحة في تعابيرهم ، حيث وصف عكرمة وغيره بلالا بالعبد. ووصف خالد بن أسيد صوته بالنهيق ، وأنه ينهق فوق الكعبة ، وسهيل بن عمرو وجماعة معه راحوا يغطون وجوههم ، حين سمعوا أذانه ..
واللافت هنا : أنه «صلىاللهعليهوآله» قد اختار الأذان لصلاة الظهر ، وهو الوقت الذي تكون فيه أشعة الشمس ساطعة ، ويتمكن جميع الناس من سماع الصوت ، ومن رؤية صاحبه في موقعه ـ وهو ظهر الكعبة ـ ويرون