أظهركم ، فصنعت لكم طعاما؟!
فقالا : لا حاجة لنا في طعامك ، اخرج عنا. ننشدك الله ، يا محمد ، والعهد الذي بيننا وبينك إلا خرجت من أرضنا ، فهذه الثلاث قد مضت.
وكان «صلىاللهعليهوآله» لم يدخل تحت سقف بيت من بيوت مكة ، بل ضربت له قبة من أدم بالأبطح ، بقي فيها إلى أن خرج من مكة.
فغضب سعد بن عبادة ، لما رأى من غلظة كلامهم للنبي «صلىاللهعليهوآله» ، فقال لسهيل : كذبت ، لا أم لك ، ليست بأرضك ، ولا أرض أبيك. والله ، لا يبرح منها إلا طائعا راضيا.
فتبسم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ثم قال : يا سعد ، لا تؤذ قوما زارونا في رحالنا.
قال : وأسكت الرجلان عن سعد ، ثم أمر النبي «صلىاللهعليهوآله» بالرحيل ، وقال : لا يمسين بها أحد من المسلمين ، وركب «صلىاللهعليهوآله» حتى نزل سرف ، وتتامّ الناس.
وجاءه أبو رافع بزوجته ميمونة بعد أن حل المساء ، ثم جاءت الخيل ، وجاؤوا بالسلاح الذي كان ببطن يأجج ، ولحقوا برسول الله «صلىاللهعليهوآله» .. وكان «صلىاللهعليهوآله» قد استبدلهم بفوج كان قبلهم ، ليتمكن هؤلاء وأولئك من أداء نسكهم والطواف بالبيت.
ثم أدلج «صلىاللهعليهوآله» من سرف حتى قدم المدينة (١).
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٣٩ ـ ٧٤١ بتلخيص ، والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٦٥ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٩٤ وراجع : دلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ٣٣٠ وانظر