ونقول :
إننا نلاحظ هنا ما يلي :
١ ـ لم يتضح لنا بالتحديد ذلك الموضع الذي بعث رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إليه هذه السرية ، إلا أنها أرسلت إلى موضع وراء ذات القرى ، كما أننا لم نعرف الهدف من إرسالها إلى تلك المناطق البعيدة ، فإنها ليست سرايا قتالية بلا شك ، إذ لا قدرة لخمسة عشر رجلا على الدخول في حرب حقيقية ، في محيط الكفر الطاغي والباغي هذا.
ولنا أن نحتمل أن تكون سرية استطلاعية ، هدفها تنسّم الأخبار عن تحركات الجيوش في مناطق الشام .. أو هي سرية دعوة إلى الإسلام ..
وربما يكون هذا الإجراء الاستطلاعي قد اتّخذ انتظارا لنتائج الرسائل التي بعثها النبي «صلىاللهعليهوآله» إلى ملوك الأرض ، وتحسّبا ، واحتياطا لأي أمر ربما يفكر فيه أولئك العتاة ، والجبابرة المستكبرون.
٢ ـ وفي ضوء ما تقدم نستطيع أن نضع علامة استفهام كبيرة حول صوابية مبادرة قائد السرية إلى مواجهة تلك الجموع بطلب التخلي عن دينهم ، والدخول في الإسلام ، ما دام أن هذه الطريقة في الدعوة سوف تفهم على أنها نوع من الاستخفاف والتحدي.
٣ ـ ولو أغمضنا النظر عن ذلك ، فإن خيار الحرب والقتال ربما لا
__________________
والطبقات الكبرى ج ٢ ص ١٢٧ و ١٢٨ وعن تاريخ مدينة دمشق ج ٢ ص ٥ وج ٥٠ ص ١٤٩ و ١٥٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٥٤ وسبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٤٣ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٧٤ وعن عيون الأثر ج ٢ ص ١٦٤ وعمدة القاري ج ١٤ ص ٣٠٨ وحياة الصحابة ، باب الدعوة إلى الله.