وقيل في مقابل ذلك :
إنه «صلىاللهعليهوآله» بعث الحارث بن عمير إلى هرقل عظيم الروم بالشام (١).
غير أننا نقول :
١ ـ إن هذا القول لا ينافي القول السابق ، إذ لعل رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أرسل الكتاب إلى ملك بصرى ليوصله إلى ملك الروم.
٢ ـ إننا نلمح في النص المتقدم قدرا من التهافت ، فإنه يقول : «وندب الناس ، فأخبرهم بمقتل الحارث ، ومن قتله ، فأسرع الناس ، وخرجوا ، فعسكر بالجرف.
ثم يقول مباشرة : «ولم يبين رسول الله «صلىاللهعليهوآله» الأمر».
فإنه إذا كان «صلىاللهعليهوآله» لم يبين الأمر ، فما معنى إخباره الناس بما جرى ، حتى أسرعوا ، وخرجوا فعسكروا؟!
ألا يعد هذا بيانا للأمر؟!. فإن كل إنسان لو سأل عن السبب في هذا الإسراع بالخروج ، فسوف يجيب : بأنه هو قتل الحارث بن عمير ، وأن القصد هو المسير لمعاقبة من فعل ذلك ..
إلا أن يقال : إن المقصود هو : أنه «صلىاللهعليهوآله» أبقى وجهة سيره مخفية عن اليهود والمشركين ، ولم يخبر بها إلا الذين انتدبهم للخروج.
ولكن قوله : «لم يبين رسول الله «صلىاللهعليهوآله» الأمر» يفيد أمرا
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٦٦ ومكاتيب الرسول ج ٢ ص ٤٠ عن الإستيعاب ، وسبل الهدى والرشاد ج ١١ ص ٣٥٠ وعن عيون الأثر ج ٢ ص ١٦٥.