وتهيئتها لهذا المقام العظيم.
٢ ـ ثم جاءت الوصية الثانية لتأمر ابن رواحة بذكر الله تعالى ، فإنه عون له على ما يصبو له ويسعى إليه. أي أن عليه أن لا يعتمد على قدراته الذاتية ، لأن نفسه قد تخذله في أحرج اللحظات. ولا علاج لهذا الأمر إلا بذكره تعالى الذي تشعر هذه النفس بهيمنته عليها ، وبمالكيته لها ، وبأنه هو الحافظ ، وهو المدبر لها والرحيم والرؤوف بها ، والعطوف عليها ، فتستسلم له ، وتكف عن المنازعة ، وتجنح للانقياد والمطاوعة.
٣ ـ ثم تأتي الوصية الثالثة لتقول له : إن عليه أن لا يستسلم للشعور بالعجز في مواجهة تمردات نفسه المتكررة ، وأن عليه أن يعيد المحاولة مرات ومرات ، حتى لو بلغت عشرا ، فإن الإخفاق في ذلك كله لا يمنع من النجاح مرة واحدة بعدها ، ليكون في هذه المرة الفوز العظيم ، والنصر المؤزر على هذه النفس الأمارة بالسوء.
وهكذا فإن هذه الوصايا النبوية تكون قد أعطت الانطباع عن حقائق ، ودقائق كان لا بد له «صلىاللهعليهوآله» من التعاطي معها ، ومعالجتها برفق وأناة ، وبواقعية وموضوعية ، وهكذا كان.