ويكمنون بالنهار. وأتى الخبر هوازن فهربوا.
وجاء عمر إلى محالهم ، فلم يلق منهم أحدا.
وانصرف راجعا إلى المدينة ، فلما كان بالجدر ـ موضع على ستة أميال من المدينة ـ قال له الهلالي : هل لك في جمع آخر تركته من خثعم ، جاؤوا سائرين قد أجدبت بلادهم؟!
فقال عمر : لم يأمرني رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بهم ، إنما أمرني أن أصمد لقتال هوازن بتربة. وواصل طريقه إلى المدينة (١).
ونقول :
لنا ملاحظات عديدة ، نذكر منها ما يلي :
١ ـ إننا نعطي الحق لعمر في امتناعه عن مهاجمة الخثعميين ، الذين لم يأمر النبي «صلىاللهعليهوآله» بشيء في شأنهم ، ونود أن يكون الحفاظ على حرفية أوامره «صلىاللهعليهوآله» هو الداعي له إلى ذلك ، وليس هو الخوف من أن يحيق به مكروه في ساحات الحرب والنزال ، فقد تعودنا منه النكوص والإحجام عن مثل هذه الساحات ..
ولعل ما يعزز هذا الاحتمال الأخير : أننا وجدناه لا يلتزم بحرفية الأوامر في كثير من المواقع والحالات ، بل هو يصر على مخالفتها. ومن ذلك تمرده على أوامر النبي يوم الحديبية وقبلها ومنعه للنبي «صلىاللهعليهوآله»
__________________
(١) راجع : المغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٢٢ وسبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٣٠ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٦٠ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٥١ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤١٨.