«صلىاللهعليهوآله» : أن ذلك المقتول لم يشهد الشهادتين عن قناعة ، وإنما قال ذلك بلسانه لينجو من القتل ، مع أنه عاجز عن التحقق من ذلك ، وعن إثباته ..
وحتى لو كان يعلم بذلك ، فالمفروض هو : قبول ذلك منه .. تأسيا برسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، الذي يعلم الناس كلهم : أنه كان يعرف بنفاق كثير من أصحابه ، وقد أعلم حذيفة بعدد منهم. ولكنه «صلىاللهعليهوآله» كان يعاملهم وفق ما يظهرونه ، وليس على حسب ما يعلمه منهم ..
بل إن الكثيرين منهم كانوا يقدّمون الدليل تلو الدليل على عدم صحة إيمانهم ، ولكن النبي «صلىاللهعليهوآله» لم يكن يرتب أثرا على ذلك في مقام التعامل معهم .. وقد انخذل عنه «صلىاللهعليهوآله» عبد الله بن أبي ـ في ثلث الجيش ـ في واقعة أحد .. كما أن جماعة من الصحابة قد نفّروا به «صلىاللهعليهوآله» ناقته ، لكي يقتلوه ، وكان يعرفهم بأسمائهم ، وأشخاصهم ، ولكنه لم يعلن بذلك للناس.
وقد ندد القرآن الكريم في كثير من آياته بهم ، وأدان تصرفاتهم ، وفضحهم ، وشنع عليهم في كثير من المناسبات ..
ولم يعاقبهم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» على ما صدر منهم تجاهه ، ولا حاسبهم ، ولا طالبهم بغير ما كانوا يظهرونه.
وتلك هي سماحة الإسلام ، وبالغ حكمته ، ودقة تعاليمه ، فإنه يريد أن ينتزع السلاح من يد هؤلاء ، فلا يشهرونه في وجهه ، ويريد لهم أن يعيشوا هم وكل من يلوذ بهم من أقرباء ، وعشائر ، وأصدقاء ، أجواء الإسلام من دون أي تكلف أو حرج ، فعسى ولعل ، ولعل وعسى أن يقبل الله بقلوبهم