الرأي والقول مع الأخيار المهاجرين ، فإن تكلمت رجال قريش ، [و] الذين هم أهل الآخرة مثل كلام هؤلاء ، فعند ذلك قولوا ما أحببتم ، وإلا فأمسكوا» (١).
٢ ـ ليس هذا مدحا لسهيل بن عمرو :
وأما نهي النبي الكريم «صلىاللهعليهوآله» لأصحابه : عن أن يحدّوا النظر لسهيل بن عمرو ، فهو وإن كان هناك من يريد أن يعتبره مدحا لهذا الرجل. ولكن اعتباره قدحا لعله هو الأقرب والأصوب .. إذا لوحظ فيه أمران :
أحدهما : أن هذا الرجل وإن كان ذا عقل وشرف ، ولكنه لا ينقاد لعقله ، ولا يختار ما يحفظ له شرفه ومكانته ، بل هو يختار ما يتوافق مع نزواته وأهوائه ، وحميته الجاهلية ، فإذا وجد الناس يحدون النظر إليه ، فإنه قد ينكص على عقبيه ، ويتخذ سبيل المكابرة ، والتحدي والحجود ..
ثانيهما : إن من يكون ذا عقل راحج ، وذا شرف ، فإنه يستخدم عقله لحفظ شرفه ، فإذا استخدم عقله لإذهاب هذا الشرف ، فمعنى ذلك : أنه يفقد عنصرا ثالثا كان بحاجة إليه ، ألا وهو عنصر الأخلاق الإنسانية الفاضلة ، التي تبعده عن الإستكبار وعن الجحود ، وعن العصبيات القبلية والجاهلية .. وأن يكون حكيما ، ومنصفا ، ومتواضعا. فإن ذلك يسهل عليه قبول الحق ، ورفض الباطل .. ويدعوه إلى أن لا يتأخر في الدخول إلى
__________________
(١) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج ٦ ص ٢٣ و ٢٤ ومواقف الشيعة ج ٣ ص ١٦٢.