إنقلاب الصورة :
واللافت هنا : أن هذا الرجل المشرك الذي لم يزل يفتئت على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ويرميه بكل فرية ، ويصفه بأنه قاطع الرحم ، وبأنه شاعر ، وكاهن ، وكاذب ، ومفرق الجماعة ، وسبب الشرور والبلايا ، والمصائب والرزايا. ولا تزال هذه الكلمات تتزاحم في فمه ، وتتراكض على لسانه.
وإذ به حين يختار الإسلام يبادر إلى الحديث عن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بما يناقض ذلك كله .. فيصفه : بأنه أبر الناس ، وأكرمهم ، وأفضلهم ، وخيرهم ..
وتجده بالغ الحماس لإثبات صحة ما يقول في إسراره وإعلانه ، وفي سائر المواقف ، مهما اختلفت خصوصياتها ، وحالاتها ، واقتضاءاتها ..
ما أسرع ما أجاب!! :
واللافت أيضا : أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» لا يتردد في العفو عن عكرمة ، وعن صفوان ، وعن غيرهما ممن أهدر دمهم في فتح مكة.
وتجد سهولة ظاهرة في إعطائه الأمان لهم ، حتى كأنه ينتظر هذا الطلب ، وقد أعد له هذه الإجابة والإستجابة!!
ولم نلاحظ : أنه «صلىاللهعليهوآله» قد ناقش أحدا في أمر الأمان ، أو ذكّر أحدا منهم بما صدر منه ، مما اقتضى اعتباره مجرما مهدور الدم.
وقد طلب منه صفوان أن يسيره شهرين ، فأعطاه «صلىاللهعليهوآله» أربعة أشهر ، تفضلا منه «صلىاللهعليهوآله» وكرما ، وسماحة ، وفضلا.
ولكن ذلك لا يقلل من قيمة الإجراء الأول ، وهو إهدار الدم ، الذي