أن قتل بني جذيمة لم يكن بسبب الفهم الخاطئ من قبل بني كنانة ، فإن خالدا لم يعتذر بذلك ، بل اعتذر بأنه أراد أن يقتل قاتل عوف والد عبد الرحمن بن عوف.
كما أن السبب في قتلهم إن كان هو الفهم الخاطئ من قبل بني كنانة ، فإن ملامة عبد الرحمن لخالد تصبح بلا معنى ، فإن الخطأ في الفهم يعتبر عذرا مقبولا عند الناس.
على أنه لو صح ذلك ، فإن اتهام عبد الرحمن بن عوف لخالد بأن ما فعله من أمر الجاهلية ، وأنه أراد أن يأخذ بثأر عمه الفاكه بن المغيرة يصبح من البهتان الذي يقتضي مبادرة النبي «صلىاللهعليهوآله» إلى ردع ابن عوف عنه ؛ فإنه من الظلم الظاهر ، ومن المنكر السافر.
وكل هذا الذي ذكرناه : يجري أيضا بالنسبة لاعتراض ابن عمر وسالم مولى أبي حذيفة .. فقد كان على خالد أن يعتذر لهما : بأنه لا ذنب له فيما جرى .. بل الآخرون هم المخطئون في فهم كلامه ، فإن كان ثمة من لوم ، فيجب أن يوجه إليهم ، إن صح لوم من يخطئ في فهم الكلام الموجه إليه.
التناقض والاختلاف :
إن التناقض الظاهر فيما بين الروايات في عرضها لما جرى لبني جذيمة يشير إلى أن ثمة رغبة في تعمية الأمور ، وإثارة الشبهات حول حقيقة وحجم ما جرى ، فعسى ولعل ، ولعل وعسى يفيد ذلك في إعادة شيء من ماء الوجه لخالد ، ولو أمام البسطاء والسذج من الناس.
ونحن لا نريد أن نفيض في إظهار هذه التناقضات ، بل نكل ذلك إلى