ابن أبي سرح أعظم إجراما :
إن من يراجع حديث الذين أهدر النبي «صلىاللهعليهوآله» دمهم يلاحظ : أن النبي رغم إصداره هذا القرار الحازم الحاسم بقتل هؤلاء سرعان ما يعفو عنهم ، ويعطيهم الأمان بمجرد أن يطلب ذلك منه ، ولا سيما بعد أن كسرت شوكتهم ، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت ..
غير أن من بين جميع هؤلاء يوجد استثناء واحد ، كان النبي «صلىاللهعليهوآله» حريصا على إنفاذ الأمر بقتله أكثر من سائرهم ، لو لا تدخل عثمان بن عفان ، وعدم التفات من حضر من المسلمين إلى ما كان ينبغي لهم أن يفعلوه لحظة مجيء ابن أبي سرح إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» في ظل حماية عثمان له ..
فما هو السر لتلك السهولة في العفو والسماح هناك ، والرغبة في إجراء الأمر هنا؟!
إن الإجابة على هذا السؤال ، وإن كانت تحتاج إلى مزيد من البسط والبيان ، لكننا سنكتفي بالإلماح إلى بعض النقاط التي تفتح نافذة يستطيع الباحث عن الحقيقة أن يطل منها على الأسباب والمعطيات لكلا موقفيه «صلىاللهعليهوآله» ، فنقول :
إن الذي اقتضى إهدار دم هؤلاء هو جرائم وفظائع ارتكبوها ، في حق الدين والإنسانية ، لصد الناس عن الحق ، وزعزعة أركانه ، وتقويض بنيانه .. لكن جرائمهم هذه تختلف فيما بينها ، فهناك جرائم رغم بشاعتها ، وفظاعتها ، تبقى محصورة في نطاقها الخاص ، بل ربما يكون الزمن قد تجاوزها ، بعد أن ضرب الإسلام بجرانه ، وبعد ثبات ورسوخ قواعده وأركانه ..