يحسبون كل صيحة عليهم :
وبعد .. فقد حكى الله حالة الرعب التي تهيمن على أعداء الله من المنافقين ، فكيف بالكافرين ، فقال : (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) (١).
وحالة صفوان بن أمية تجسد مضمون هذه الآية بصورة دقيقة ، فقد كان يرى نفسه من الرؤساء والزعماء الكبار في قومه ، وكان يعيش حالة الإستكبار والجحود ، ويمارس الطغيان والتعدي والظلم ، حسب ما يروق ويحلو له .. وإذ به بين ساعة وأخرى يرى نفسه شريدا طريدا هاربا ، يستجدي الرحمة من أي كان من الناس.
ويرى : أن كل شيء يلاحقه ، حتى أبناء عشيرته ، ولذلك فهو يقسم : أن عمير بن وهب ، وهو من قومه وعشيرته ، جاء يريد قتله ، وقد ظاهر عليه محمدا «صلىاللهعليهوآله».
مع أن عميرا كان يفكر في الإتجاه الآخر ، وقد حصل له على الأمان من رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فهو يلاحقه ليعيد السكينة إلى قلبه ، وليحفظ حياته ، بل هو يريد أن يراه عزيزا شريفا مكرما برسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ولذلك قال له ، كما تقدم : «عزه عزك ، وشرفه شرفك ، وملكه ملكك».
__________________
ج ٥ ص ٩٨ وراجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٩٤ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٩٣ و ٩٤ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٨ ص ١١ و ١٢ وكنز العمال ج ١٠ ص ٥٠٦ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢٤ ص ١١٤ و ١١٥ وسير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٥٦٦ والمعجم الأوسط ج ٣ ص ١٥٢.
(١) الآية ٤ من سورة المنافقون.