وتبدل في الإيحاءات وفي الخلجات ، وفي الصور التي سوف تفرض نفسها بصورة عفوية ، وسينتقل تلقائيا إلى جو جديد ، ومحيط مختلف في ذلك كله وسواه.
الهروب إلى الأمام :
لم يكتف ابن خطل بارتكاب جريمته في حق رفيقه الذي بعثه النبي «صلىاللهعليهوآله» معه ، وكان يخدمه ، فقتله لمجرد أنه نام ولم يصنع له الطعام الذي طلبه منه ..
بل زاد على ذلك : بأن ارتد عن الإسلام ، واستولى على ما كان في يده من أموال الصدقة ، وهرب إلى مكة ، وصار يقول الشعر في هجاء رسول الله «صلىاللهعليهوآله» .. ويأمر جاريتيه بأن يغنيا بهجائه «صلىاللهعليهوآله» ..
مع أنه لو اقتصر على الجريمة الأولى ، لأمكن أن يكون له مخرج ، بأن يعفو ولي المقتول ، فيسقط القصاص. ولعل العفو يأتي من قبل النبي «صلىاللهعليهوآله» مباشرة إذا رأى المصلحة في ذلك ، فإنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم ..
ولكن شدة خبث سريرة هذا الرجل ، وسوء نواياه ، قد حجب اللطف الإلهي عنه ، ووكله الله سبحانه إلى نفسه على قاعدة : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) (١).
فساقته شقوته إلى الإيغال في طريق الغي ، فقد كان من الذين يقول الله
__________________
(١) الآية ٥ من سورة الصف.