اتخذه في حق ذلك المجرم ، بل ذلك إعلان لكل أحد : بأن ثمة جرائم وعظائم تستحق أمثال هذه العقوبات ، ولا ترتفع عقوباتها إلا بهذا الأمان ، الذي يستبطن انصياعا واعترافا ، واستسلاما ، وتخليا عن منطق الجحود ، والطغيان ، وخروجا عن صفة العتو والتمرد ، ورفضا وإدانة لسبل الجبارين والمفسدين.
فيأتي هذا التفضل النبوي ، ليعطي للناس الإنطباع الصحيح عن حقيقة هؤلاء ، ليدركوا بعقولهم ، وبفطرتهم البون الشاسع بينهم وبين حقيقة الشخصية النبوية الإلهية ، التي تعيش روح التقوى ، والعمل الصالح في كل مفردات حياتها.
هذه هي معاييرهم :
والذي يثير استغراب الإنسان العاقل والمنصف حقا : أن ترى صفوان بن أمية ، وهو من الزعماء والرؤساء في قومه ، لا يستجيب لنداء العقل ، ولا ينساق مع قضاء الفطرة ، ولا يخضع لما تقتضيه المعجزات الإلهية القاهرة ، التي تضطر كل ذي لب ، وضمير ، ووجدان حي للانقياد ، والتسليم ، والخضوع ، ولا لغير ذلك من كرامات حبا الله بها نبيه والمؤمنين ، أو دلالات وآيات بينات.
إن صفوان يتجاهل ذلك كله ، ويرى أنه لا يعني له شيئا ، ويصر على العناد واللجاج والجحود ، وعلى مواصلة حرب الله ورسوله ، والمؤمنين ..
ثم يبوء بالفشل ، ويواجه الهزيمة الذليلة ، ويعيش الخزي بأقسى وأظهر معانيه ، حتى استنقذه بعض أهل الإسلام ، الذين حاربهم ، وبغى ـ ولم يزل ـ