وقد استعمل «ما» فيمن يعقل وهو شائع.
لما ذا هذا العدد؟! :
قد يقول قائل : إنه إذا كانت هذه سرية دعوة لا سرية قتال ، فلما ذا هذه الكثرة في عدد أفرادها؟!
ويمكن أن يجاب : بأن سرية الدعوة قد تحتاج ايضا إلى من يحميها من تآمر المتآمرين ، ومغامرة الطائشين ، والذين يريدون إثارة الفتن ، ويرون ان من مصلحتهم إبقاء التوتر مهيمنا على الاجواء العامة ، فيبادرون الى الاخلال بالأمن ، ثم يتحينون الفرصة ، فقد تأتي الأيام بمفاجآت يمكنهم من خلالها تحقيق بعض ما يصبون إليه ..
على أن الدعوة أيضا قد تحتاج إلى أناس كثيرين يتفرقون في الأحياء ، وفي القبائل ، وفي الأرياف ، والقرى ، ويحاولون إقناع الناس ، أفرادا وجماعات ، بالحق .. ويقدمون لهم الدلائل والشواهد المختلفة.
وقد يسأل سائل أيضا : عن السبب في إرسال سرايا للدعوة ، في حين أن السرايا الأخرى تتخذ عادة منحى قتاليا ، أو استطلاعيا وقائيا ..
ويجاب : بأن فتح مكة قد فرض هذا الإجراء ، فلم يعد للمشركين قدرة على المواجهة ، فقد أصبح من الضروري تعريف الناس بدعوة الإسلام ، لتسهيل إعلانهم الدخول فيه ، حتى لا يبقى الناس في ذلك المحيط مذبذبين بين الإتجاهات المختلفة ، فإن تحديد انتمائهم أمر مهم جدا في تحقيق الإستقرار النفسي ، والانضباط الإجتماعي والسياسي في المنطقة بأسرها.