وإعادة الأمور إلى نصابها.
بل قد يقال : إن هذا التعبير يدل على : أنه لو أن أحدا من غير المسلمين اعتدى على بني جذيمة لوجب نصرهم ، وتحمل مسؤولية التعويض عليهم كل نقص يعرض لهم ، في الأموال والأنفس على حد سواء ..
و: قد ذكرت النصوص المتقدمة : أنه «عليهالسلام» أعطاهم مقدارا من المال ، ليرضوا عن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، مع العلم : بأن السخط على الرسول «صلىاللهعليهوآله» من موجبات الكفر والخروج من الدين.
ومع أن السخط والرضا لا يشترى ولا يعطى بالمال ، فكيف نفهم هذا الإجراء منه «عليهالسلام»؟!
ولعل من المفيد أن نقول في الإجابة عن ذلك :
إن المراد بالرضا هنا ليس ما يقابل السخط ، بل المراد به : الشعور بالرضا ، بعد الشعور بالحاجة إلى الإنصاف ، وبضرورة إيصال حقهم إليهم ..
فإذا رأوا عليا «عليهالسلام» قد اعطاهم فوق ما لهم من حق ، فلا بد أن يتكون لديهم شعور باستعادة كامل حقوقهم ، وبما فوق مستوى الإنصاف والعدل الذي يتوقعونه أو ينتظرونه ..
وهذا معناه : أنه «عليهالسلام» لم يشتر رضاهم بالمال .. بل هو قد وفاهم حقهم ، حتى تكوّن لديهم الشعور بالرضا بهذا الوفاء.
ز : إن تخصيص جزء من المال لما يعلمون ، وما لا يعلمون. قد يكون من أهم الأمور التي تبلّغهم درجات ذلك الرضا بأكمل وجوهه ، وأتمها ، فإن هناك أمورا قد يفقدها الإنسان ، ولكنها تكون من الصغر ، والتفاهة إلى حد يرى أن مطالبته بها تنقص من قدره ، وتحط من مقامه ، فيعرض عنها.