(لا يقال) : انهم لا يخصون النقض بالخارج عن الشهوة كما هو ظاهر الأخبار.
(لأنا نقول) : قد عرفت مما حققناه سابقا انه لا يشترط في الحمل على التقية وجود القائل بذلك ، مع ان بعض هذه الأخبار المخالفة قد تضمنت النقض بكلا الفردين كما عرفت ، وبعضا به مطلقا.
و (اما ثانيا) ـ فلأنها أحد طرق الترجيح عند تعارض الأخبار دون الحمل على الاستحباب والكراهة وان اشتهر بين أصحابنا الجمع بين الأخبار بذلك وإلغاء تلك واما الرواية أعني صحيحة محمد بن إسماعيل فيمكن حملها على ان نفي البأس عن عدم الوضوء بسببه مع عدم التقية ، وهو لا ينافي الأمر به تقية ، فتحمل أوامره (عليهالسلام) بالوضوء أولا مع النقل المذكور على التقية ، ونفي البأس عن عدم الوضوء منه على عدمها. ولعل قرائن الحال في وقت السؤال كانت دالة على ذلك وان خفي علينا الآن العلم بذلك ومثله في الأخبار غير عزيز.
وربما احتمل بعض فضلاء متأخري المتأخرين (رضوان الله عليهم) حمل مطلق الأخبار الواردة في المسألة على مقيدها ، فيجب الوضوء مما خرج بشهوة.
وفيه ان تقييد المطلق ارتكاب لما هو خلاف الظاهر فيه البتة ، فلو أمكن التأويل في المقيد ولم يكن في ارتكابه خلاف الظاهر أو كان أقل مرتبة من الخلاف الذي في جانب المطلق ، تعين التأويل في جانب المقيد ولم يرتكب حمل المطلق عليه. وما نحن فيه
__________________
«والمذي ينقض الوضوء إلا عند مالك» وفي عمدة القارئ للعيني شرح البخاري ج ٢ ص ٢٦ «لا خلاف في وجوب الوضوء منه ولا خلاف في عدم وجوب الغسل» ثم نقل عن القاضي عياض المالكي «أن المذي المتعارف ـ وهو الخارج عند ملاعبة الرجل اهله لما يجري من اللذة أو لطول العزوبة ـ لا خلاف بين المسلمين في إيجاب الوضوء منه وإيجاب غسله لنجاسته» وفي بداية المجتهد لابن رشد المالكي ج ١ ص ٣٠ دعوى الاتفاق على ناقضيته إذا كان خروجه على وجه الصحة لا المرض. ويظهر الاتفاق على ذلك من (الفقه على المذاهب الأربعة) ج ١ ص ٧٧ حيث ذكرت ناقضيته ولم يذكر خلاف المذاهب فيها.