ليست بفريضة حتى يعاد من تركها الوضوء ، وإلا لم يطهر مواضع الوضوء بتركها ، لانه لا يكون قد تطهر تاركها.
ورماه بالبعد جملة من تأخر عنه. وهو كذلك ، فإن إطلاق التسمية اللفظية على النية القلبية غير معروف ، وعروض النسيان لأصل النية ـ التي هي عبارة عن مطلق القصد إلى الفعل الذي لا يخلو عنه عاقل في فعل من أفعاله كما سيأتي إيضاحه ـ بعيد جدا نعم يحتمل ـ كما ذكره بعض محدثي متأخري المتأخرين ـ ان يراد بالنية إخطار أن هذا العمل لله بالبال لئلا يصدر عنه على الغفلة ، ولا يبعد ان يصدق عليه التسمية ، لتضمنه اسم الله سبحانه. لكن فيه انه وان أمكن احتماله في أول مرة لكن الظاهر في الدفعة الثانية بعد أمر الرسول (صلىاللهعليهوآله) بالإعادة عدم إمكانه ، فإنه لم يقصد فيها سوى امتثال امره (صلىاللهعليهوآله) حيث ان امره أمر الله تعالى وطاعته طاعته.
واحتمل شيخنا صاحب رياض المسائل وحياض الدلائل تأويل كلام الشيخ ان مراده ـ بقوله : «ان التسمية المنسية هي النية الواجبة. إلخ» ـ أن التسمية لها فردان : (أحدهما) ـ مجرد اللفظ الذي لا يكون وسيلة إلى تحصيل القصد إلى الامتثال المسمى بالنية ، ولا ارتباط له بها ، كما هو الحاصل لمن له أدنى مسكة بعروة العقل. و (ثانيها) ـ اللفظ الذي يكون وسيلة إلى تحصيله بحيث لا يمكنه أحكام النية إلا به ، كما نجده عيانا في بعض من ابتلى بالوسوسة في النية ، ولعل صدر الإسلام لما كان قريب العهد بالجاهلية ، بعيد الطبع عن قبول الأحكام الشرعية وتعقل الأمور الذهنية ، خصوصا الاعراب منهم ، حلي لهم اللابس بحلية الملبوس ، وجلي لهم مرآة المعقول بصورة المحسوس فأمروا بالتسمية اللفظية الدالة على قصد كون الفعل المشروع فيه باسمه ، ليحصل لهم الانتقال منها إلى المعنى التي هي النية القلبية ، لوجوب فهم المعنى من اللفظ لمن علم بالوضع انتهى. وهو معنى لطيف إلا ان ملاحظة الشيخ له في غاية البعد.