و (سادسها) ـ ان ما ذكره ـ من ان عدم الدليل دليل على العدم ـ مسلم لو لم يكن ثمة دليل. والأدلة على ما ندعيه ـ بحمد الله ـ واضحة وأعلامها لائحة.
فمن ذلك ـ صحيح العيص المذكور (١) على ما أوضحناه من الوجه النير الظهور ومن ذلك ـ استفاضة الأخبار بغسل الأواني والفرش والبسط ونحوها متى تنجس شيء منها ، فان من المعلوم ان الأمر بغسلها ليس إلا لمنع تعدي نجاستها إلى ما يلاقيها برطوبة مما يشترط فيه الطهارة. ولو كان مجرد زوال العين كافيا في جواز استعمال تلك الأشياء لما كان للأمر بالغسل فائدة ، بل ربما كان محض عبث ، لان تلك الأشياء بنفسها لا تستعمل فيما يشترط فيه الطهارة كالصلاة فيها ونحوه حتى يقال ان الأمر بغسلها لذلك ، فلا يظهر وجه حسن هذا التكلف. هذا مع بناء الشريعة على السهولة والتخفيف.
ومن ذلك ـ أخبار نجاسة الدهن والدبس المائعين ونحوهما بموت القارة ونحوها (٢) وربما خص بعضهم موضع خلافه في هذه المسألة بالأجسام الصلبة بعد ازالة عين النجاسة عنها بالتمسح ونحوه ، كما هو مورد الموثقة التي استند إليها وعول في المقام عليها (٣).
وربما أيد أيضا بقوله فيما قدمنا نقله عنه : «إذا أزيل عنه عين النجاسة بالتمسح ونحوه. وفيه ان قوله في تتمة العبارة المذكورة ـ : «وانما المنجس للشيء عين النجاسة لا غير» ـ صريح في العموم.
ويدل أيضا عليه بأوضح دلالة ما صرح به في كتاب المفاتيح في مفاتيح النجاسات حيث قال بعد ذكر النجاسات العشر في مفاتيح متعددة ـ ما صورته : «مفتاح ـ
__________________
(١) في الصحيفة ١٤.
(٢) المروية في الوسائل في الباب ـ ٥ ـ من أبواب الماء المضاف.
(٣) وهي موثقة حنان المتقدمة في الصحيفة ٨.