وما روى في الحسن عن الصادق (عليهالسلام) (١) قال : «العباد ثلاثة : قوم عبدوا الله عزوجل خوفا ، فتلك عبادة العبيد. وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلب الثواب ، فتلك عبادة الاجراء وقوم عبدوا الله عزوجل حبا له ، فتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة». فإن قضية أفعل التفضيل ان العبادة على الوجهين الأولين لا تخلو من فضل أيضا وان نقصت مرتبته.
وما روى عنهم (عليهمالسلام) بطرق عديدة (٢) : «من بلغه شيء من الثواب على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب أو تيه وان لم يكن الحديث كما بلغه». فإنه يعطى ان ذلك العمل الحامل على فعله قصد تحصيل الثواب صحيح مثاب عليه.
وما ورد عنهم (عليهمالسلام) من العبادات والأعمال المأمور بها للحاجة أو تحصيل الولد أو المال أو النكاح أو الشفاء أو الاستخارة أو نحو ذلك من المقاصد الدنيوية. الى غير ذلك من الوجوه التي يطول بنشرها الكلام.
واما ما ذكروه من ان قصد الثواب والخلاص من العقاب ينافي الإخلاص له سبحانه ، لأن قاصد ذلك إنما قصد جلب النفع إلى نفسه ودفع الضرر.
ففيه (أولا) ان الإخلاص بذلك المعنى الخاص لا يحصل إلا من خواص الخواص ، وهو درجة من قال : «ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك ، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك» (٣). وطلب هذه المرتبة من غيرهم (عليهمالسلام) قريب من التكليف بالمحال بل هو محال بلا اشكال.
قال بعض مشايخنا المحققين من متأخري المتأخرين : «ومدعى هذه المرتبة إنما يصدق
__________________
(١) المروي في الوسائل في الباب ـ ٩ ـ من أبواب مقدمة العبادات.
(٢) المروي في الوسائل في الباب ـ ١٨ ـ من أبواب مقدمة العبادات.
(٣) رواه صاحب الوافي عن أمير المؤمنين (عليهالسلام) في الجزء الثالث في باب نية العبادة ص ٧٠.