فإن أغلب الناس إذا طبق انفراج الإصبعين على ما بين قصاص الناصية إلى طرف ذقنه وادارهما على ما قلناه ليحصل شبه دائرة وقعت النزعتان والصدغان خارجة عنهما ، وكذلك يقع العذران ومواضع التحذيف ، كما يشهد به الاستقراء والتتبع. واما العارضان فيقع بعضهما داخلا والبعض خارجا ، فيغسل ما دخل ويترك ما خرج على ما يستفاد من الرواية» انتهى كلامه زيد مقامه.
وهو بمحل من القبول ، وقد تلقاه بالتسليم جملة ممن تأخر عنه من الفحول.
الا انه يمكن الجواب عما أورده على القول المشهور ونسبه اليه من القصور : اما عن دخول النزعتين فبأنهما وان دخلا في التحديد بالقصاص على ما هو معناه لغة ، إلا أنهما لما كانتا محاذيتين للناصية التي هي من الرأس قطعا دون الوجه ، وخارجتين عن التسطيح الذي ينفصل به الوجه عن الرأس ، وداخلتين في التدوير المختص ، وجب حمل القصاص في الخبر على منتهى الناصية وما يحاذيه من جانبيه كما عليه الأصحاب ، وما هو إلا من قبيل العام المخصوص أو المطلق المقيد ، وكم مثله في الأخبار.
واما عن الصدغين فإنهما وان فسرا في كلام أهل اللغة بما بين العين والاذن تارة ، وبالشعر المتدلي على هذا الموضع اخرى ، كما في عبارة القاموس ونقل أيضا عن الصحاح والنهاية ، الا أن العلامة في المنتهى فسره بالشعر الذي بعد انتهاء العذار المحاذي لرأس الاذن وينزل عن رأسها قليلا ، وفي الذكرى ما حاذى العذار فوقه ، وحينئذ فيمكن حمل الصدغ في الخبر على هذا المعنى الثاني ، وهو أحد معنييه لغة أيضا كما عرفت ، ولا يشمل شيئا منه الإصبعان ، على انه متى حمل على المعنى الأول فلا ريب انه يدخل بعضه في الإدارة التي اعتبرها (قدسسره) وما ذكره (قدسسره) من خروجه كملا مما تمنعه المشاهدة.
واما العذاران فالمشهور عندهم خروجه ، فلا يرد الاشكال به إلا عند من أدخله
إذا عرفت هذا فاعلم أن ههنا مواضع قد وقع الخلاف فيها في البين :