وأنت خبير بان تطبيق الرواية المذكورة على مدعى الأصحاب لا يخلو من عسر وما وجهه بعضهم ـ من ان قوله (عليهالسلام) : «ما دارت عليه الوسطى والإبهام» بيان لعرض الوجه ، وقوله : «من قصاص شعر الرأس إلى الذقن» لطوله ، وقوله : «ما جرت عليه الإصبعان» كأنه تأكيد لبيان العرض ـ فلا يخفى ما فيه من التكلف وعدم الارتباط.
وأورد شيخنا البهائي (عطر الله مرقده) على الأصحاب ـ في استنباط ما ذهبوا اليه من الخبر المذكور ـ انه متى جعل الحد الطولى من القصاص الذي هو عبارة عن منابت الشعر من المقدم ـ والحال ان منتهى منابت الشعر يأخذ من كل جانب من الناصية ويرتفع عن النزعة ثم ينحدر إلى مواضع التحذيف ويمر فوق الصدغ حتى يتصل بالعذار ـ لزم دخول النزعتين والصدغين في التحديد المذكور مع انهم لا يقولون به ، وخروج العذارين مع ان بعضهم ادخله ، وكيف يصدر مثل هذا التحديد الظاهر القصور الموجب لهذا الاختلاف عنهم (عليهمالسلام)؟
ثم وجه للرواية معنى آخر ، وهو ان كلا من طول الوجه وعرضه هو ما اشتمل عليه الإبهام والوسطى ، بمعنى ان الخط الواصل من القصاص إلى طرف الذقن وهو مقدار ما بين الإصبعين غالبا ، إذا فرض إثبات وسطه وأدير على نفسه ليحصل شبه دائرة ، فذلك القدر هو الوجه الذي يجب غسله ، وذلك لأن الجار والمجرور في قوله (عليهالسلام) : «من قصاص شعر الرأس» اما متعلق بقوله : «دارت» أو صفة مصدر محذوف ، والمعنى ان الدوران يبتدئ من القصاص منتهيا إلى الذقن ، واما حال من الموصول الواقع خبرا عن الوجه وهو لفظ «ما» ان جوزنا الحال عن الخبر ، والمعنى ان الوجه هو القدر الذي دارت عليه الإصبعان حال كونه من القصاص إلى الذقن ، إلى ان قال : «وبهذا يظهر ان كلا من طول الوجه وعرضه قطر من أقطار تلك الدائرة من غير تفاوت ، ويتضح خروج النزعتين والصدغين عن الوجه وعدم دخولهما في التحديد