والتحقيق ـ كما حققه بعض الفضلاء ـ ان كلا من الغاية الابتدائية والانتهائية قد تكون داخلة تارة ، كما في قوله سبحانه : «... من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ...» (١) وقولك : «حفظت القرآن من أوله إلى آخره» وقد تكون خارجة ، كقوله سبحانه : «... ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ ...» (٢) وقوله : «... فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ ...» (٣).
وما ذكره الشيخ (رحمهالله) ـ من ان «الى» في الآية بمعنى مع ، مدعيا في الخلاف ثبوت ذلك عن الأئمة (عليهمالسلام) ـ
ففيه ان المفهوم من حسنة زرارة وبكير (٤) المشار إليها آنفا ، حيث قال (عليهالسلام) فيها : «وأمر بغسل اليدين إلى المرفقين ، فليس له ان يدع شيئا من يديه إلى المرفقين إلا غسله ، لان الله تعالى يقول (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) (٥). الحديث». فان قوله (عليهالسلام) : «فليس له ان يدع» صريح في ان «إلى» في الآية غاية للمغسول ، فان التحديد له ، لأن «الى» في كلامه (عليهالسلام) غاية لليد بلا اشكال وإيراده الآية مستدلا بها على ذلك يقتضي كون «الى» فيها مثلها في كلامه.
ويؤيده أيضا ان اليد لما كانت تطلق بإطلاقات متعددة ـ فإنها لغة وعرفا من الكتف إلى أطراف الأصابع ، وفي التيمم إلى الزند ، وفي قطع السرقة إلى أصول الأصابع ، وفي الوضوء إلى المرفق ـ كان الأهم في المقام والاولى لدفع الإيهام الحمل على التحديد وبيان الغاية.
وممن نص على عدم دلالة الآية على الدخول الشيخ الطبرسي (قدسسره) في جامع الجوامع ، حيث قال : «لا دليل في الآية على دخول المرافق في الوضوء ، إلا أن أكثر الفقهاء ذهبوا إلى وجوب غسلها ، وهو مذهب أهل البيت (عليهمالسلام) انتهى
__________________
(١) سورة بني إسرائيل. الآية ٢.
(٢) سورة البقرة. الآية ١٨٧.
(٣) سورة البقرة. الآية ٢٨٠.
(٤) المروية في الوسائل في الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الوضوء.
(٥) سورة المائدة. الآية ٦.