بذلك الاصطلاح سيما المتقدمين. والاولى من الروايتين دالة على وجوب وضع الخمار بالجملة الخبرية الظاهرة في الوجوب كالأمر ، وان كان جملة من متأخري متأخرينا يمنعونه في الأمر فضلا عنها. والرواية الثانية دالة على ذلك بقوله : «عليها ان تلقي» الدال بظاهره على وجوب الإلقاء وتحتمه.
والرواية الثانية قد تضمنت اضافة المغرب إلى الصبح في وضع الخمار ، فما اعترض به جملة من متأخري المتأخرين على المشايخ المتقدمين في إضافة المغرب في عبائرهم ناشىء عن قصور التتبع. وكم وقع لهم مثله في غير موضع.
ثم ان ظاهر هذه الرخصة للمرأة في المسح تحت القناع ـ بإدخال الإصبع ومسح ما نالته من رأسها ولو بقدر الأنملة ، كما في كلام الشيخ المفيد ، وانها ليست كالرجال في ذلك ـ اختصاص هذا الحكم بها في ذلك الوقت المخصوص ، وعدم اجزائه لها في غيره وعدم اجزائه للرجال أيضا ، وهو مما يبطل القول بالمسمى كما هو المشهور ، ويؤيد ما ذهب اليه المشايخ الثلاثة (نور الله تعالى مضاجعهم) من وجوب المقدار الذي تقدم تحقيقه في هذا البحث. لكن قد تقدم في صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليهالسلام) (١) انه قال : «المرأة يجزيها من مسح الرأس ان تمسح مقدمه قدر ثلاث أصابع ولا تلقى عنها خمارها». وهو مناف لما دلت عليه هاتان الروايتان ، من تخصيص المسح بقدر ثلاث أصابع ببعض الصلوات والأوقات ، ومن وجوب إلقاء الخمار أو استحبابه في موضع المسح لان ظاهر قوله : «ولا تلقى عنها خمارها» اما نهى على بعض اللغات ، أو خبر في معنى النهي. ويمكن الجواب عن الأول بأن إطلاقها مخصوص بذينك الخبرين. وعن الثاني بأن قوله : «ولا تلقى» بالنصب عطف على «تمسح» وحاصل المعنى حينئذ انه يجزيها المسح بمقدار ثلاث أصابع ، وعدم إلقاء الخمار في ذلك الوقت الذي يجب أو يستحب فيه الإلقاء ، وهو رخصة لها ، إذ الظاهر ان حكمة إلقاء الخمار في موضع الأمر به في تلك
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الوضوء.