والكلام في دلالة الآية (١) على وجوب المسح ونفى الغسل مما تكفل به مطولات أصحابنا (جزاهم الله تعالى عنا خير الجزاء).
لكن روى الشيخ (رحمهالله) في التهذيب (٢) عن غالب بن الهذيل قال : «سألت أبا جعفر (عليهالسلام) عن قول الله عزوجل (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) (٣) على الخفض هي أم على النصب؟ قال : بل هي على الخفض». ولا يخفى انه على تقدير النصب يدل على المسح أيضا بالعطف على محل الرؤوس ، كما تقول : مررت بزيد وعمرا. الا انه ربما يفهم من هذه الرواية ان قراءة أهل البيت (عليهمالسلام) انما هي على الخفض وان كان النصب مما يقرأون به في ذلك الوقت ، كما هو أحد القراءات السبع المشهورة الآن ، فانا قد حققنا في كتاب المسائل ـ وسيأتي ان شاء الله تعالى في هذا الكتاب التنبيه عليه في محله ـ ان هذه القراءات السبع فضلا عن العشر وان ادعى بعض علمائنا (رضوان الله عليهم) تواترها عن النبي (صلىاللهعليهوآله) إلا ان الثابت في أخبارنا ـ وعليه جملة من أصحابنا ـ خلافه وان صرحت أخبارنا بالرخصة لنا في القراءة بها حتى صاحب الأمر (عجل الله تعالى فرجه).
وليس بالبعيد ان هذه القراءة كغيرها من المحدثات في القرآن العزيز ، لثبوت
__________________
عن أبي جعفر قال : امسح على رأسك وقدميك. وعن الشعبي نزل جبريل بالمسح ، ألا ترى التيمم يمسح ما كان غسلا ويلغى ما كان مسحا. وعن عامر نزل جبريل بالمسح. ثم قال ابن جرير : الصواب عندنا ان الله تعالى أمر بعموم مسح الرجلين بالماء في الوضوء كما أمر بعموم مسح الوجه بالتراب في التيمم ، وإذا فعل ذلك المتوضئ فهو ماسح غاسل لأن غسلهما إمرار الماء عليهما أو أصابتهما بالماء ومسحهما إمرار اليد أو ما قام مقامها عليهما» وبذلك كله يظهر لك ان قول ابن كثير في تفسيره ج ٢ ص ٢٦ : «ومن أوجب من الشيعة مسحهما فقد ضل وأضل» جرأة لا تغفر وعثرة لا تقال.
(١ و ٣) سورة المائدة. الآية ٢.
(٢) ج ١ ص ٢٠ ، وفي الوسائل في الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب الوضوء.